أهميّة توعية الأطفال والشباب للحدّ من رهاب المثلية الجنسية

تثقيف الأطفال والشباب عن تقبل الآخر وتوعيتهم تجاه التنوع الجنسي وأهميّة احترام حقوق الإنسان، هما من أكثر الطرق فعالية للمساهمة في الحد من رهاب المثلية الجنسيّة.

للأسف، لا تزال تتعرض الأقليات حول العالم، بما يشمل أفراد مجتمع الميم، إلى التمييز والتحيّز والاضطهاد والعنف، وصولاً إلى السجن أو القتل أحياناً، مما يؤدي إلى مشاكل صحيّة ونفسيّة خطيرة للضحايا.

وبسبب قلّة المعرفة وانخفاض الوعي المجتمعي في الدول العربية، وبسبب التأثيرات الثقافية والاجتماعية والعائلية المتوارثة، يتم نسخ الأفكار النمطية والمعتقدات الخاطئة عبر الأجيال، مما يؤدّي إلى تفاعل المواقف المعادية للمثليين جنسياً من دون فهم الحقائق بشكل واعي وحضاري.

من الصعب أن يتمكن الكبار في العمر من التأثر بدورات التوعية والتثقيف، ولكن لا يزال هناك أمل كبير بالأطفال والشباب اللذين يفاجئوننا بالسهولة التي يفهمون بها ويقبلون ويحترمون بها الاختلافات والتنوّع الإنساني بشكل طبيعي.

لماذا توعية الأطفال والشباب؟

في كثير من الأحيان، يرتكب بعض الناس خطأ افتراض أن التنوع الجنسي هو ثنائي فقط (أي رجل وامرأة) ولا يمكن التأثير عليه. ولكن البيانات التي يتم جمعها من حول العالم تعكس خلاف ذلك.

وبالتالي، بسبب عدم فهم المثلية الجنسية والخوف منها، من دون أسباب واضحة، بالإضافة إلى غياب الفهم الواعي في كيفية التعاطي مع أفراد مجتمع الميم، يتم اللجوء إلى الحلول السهلة مثل تجريم المثلية الجنسية وفرض العقوبات القاسية ومحاولة طمس الاختلافات وغيره. تجدر الإشارة إلى أن نحو 69 دولة حول العالم ما زالت تجرّم المثلية.

في الدول العربية بشكل عام، قد يخسر الكثير من الناس حياتهم أو صحتهم أو مستقبلهم بأكمله بسبب رهاب المثلية. فهذا الوصم غير المبرر يعرضهم باستمرار للمضايقة والتمييز والإقصاء مما يؤثر إلى حد كبير على صحتهم العاطفية وقد يؤدي إلى اضطرابات القلق والاكتئاب وتعاطي المخدرات وحتى التفكير في الانتحار.

كما أن التحيزات الاجتماعية ووصمة العار التي تلاحق أفراد مجتمع الميم تقود أولئك الذين لديهم ميول جنسية مختلفة إلى إخفاء وقمع حقيقتهم وتنمية مشاعر التوتر والعار والذنب وتدني احترام الذات والإرهاق العاطفي.

أهميّة التثقيف

يعد التثقيف في مجال احترام التعدّدية والتسامح أمرًا ضروريًا لمنع الأطفال من المعاناة من العواقب المذكورة أعلاه في المستقبل، إن كانوا هم أنفسهم من أفراد مجتمع الميم، ولمساعدتهم على فهم أفضل في كيفية التعاطي اليومي مع المثليين جنسياً إن كان أحدهم من أفراد الأسرة او الأصدقاء.

صحيح أن حملات التوعية والوقاية ضد رهاب المثلية قد يتم تنفيذها بالفعل في بعض المدارس بشكل استثنائي، إلا أنها لا تزال غائبة كليا في الحقيقة عن معظم المدارس في الدول العربية، إن لم يكن كلها. وهنا يجب تسليط الضوء إلى أهميّة دور الأسرة في المنزل في غرس القيم الإنسانية التي تساعد على تقبل الآخر وفهم الأشخاص المختلفين عنّا ومعرفة كيفية شمولهم بالمجتمع بدل اقصائهم.

تعليم التنوّع

تسعى المجتمعات العربية إلى التجانس في جميع النواحي وتضغط على الناس للتكيف مع بعض الشرائع والأعراف. لذلك، فإن الخطوة الأولى للتغيير تكون بمساعدة الأطفال على التعرف على التنوع وتقديره؛ لفهم أننا جميعًا مختلفون ولكننا متساوون في القيمة.

وللحد من رهاب المثلية، من الأفضل تفسير تنوع الميول والهويات الجنسية حتى يعرفها الأطفال ويفهمونه،. أي الاختلاف بين مثلي الجنس وثنائي الجنس والعابر جنسيا والمغاير جنسياً، إلخ. هذه كلها مفاهيم يمكننا أن نساعد الأطفال على التعرف عليها وفهمها كطرق شرعية مختلفة للوجود والشعور.

الوعي تجاه ماهية رهاب المثلية

الخطوة الثانية هي تفسير ما هو رهاب المثلية؟ وكيف يتجلى؟ وما تداعياته؟ فهو لا يتألف فقط من اعتداءات جسدية أو إهانات أو إذلال، بل يشمل الكراهية والرفض الواضح بشكل عام.

قد يتم التعبير عن ذلك من خلال استخدام جمل أو عبارات ضارة، سمعناها من أهلنا أو من المجتمع ولم نقم بالتدقيق بها أو محاولة فهمها. على سبيل المثال:

– الصور النمطية التي تميّز المثليين، مثل “كل الشاذين جنسيا مخنثون أو منحلون أخلاقياً!”.

– الخوف أو رفض الكلام مع أي شخص مثلي جنسياً.

– جمل أو “نكت” تدل على الازدراء أو عدم الاحترام.

– المواقف السلبية تجاه أي نوع من ذوي الميول الجنسية المختلفة عن القاعدة.

– نشر المعتقدات الخاطئة، مثل التأكيد على أن المثلية الجنسية مرض أو اختيار أو يجب علاجها!

تعزيز الاحترام والتعاطف

من الضروري تثقيف الاحترام لأي إنسان وتعزيز التعاطف لديه، بغض النظر عن هويته أو ميوله الجنسية. فهذه من مبادئ القيم الإنسانية التي تجمعنا.

معظم الأشخاص لا يكونون على دراية بالضرر الناجم عن رهاب المثلية وكيف يمكن أن يؤثروا، من خلال مواقفهم أو كلماتهم، على حياة الآخرين. إذا شجعنا الأطفال والشباب على وضع أنفسهم في مكان الآخرين، فسيكون من الأسهل عليهم فهم تجاربهم والتصرف معهم بإنسانية أكبر.

من المؤكد أن مواقف الوالدين سيكون لها التأثير الأكبر على الطفل، خاصة خلال سنواته الأولى. لذا، من المهم أن يظهر كل من الأم والأب طريقة منفتحة ومتسامحة ومحترمة في التعامل مع كافة الأمور.

على سبيل المثال، يجب السماح للأطفال باختيار ملابسهم وقصة شعرهم وألعابهم، من دون فرض تصنيف معيّن أو مواقف معيّنة تتلاءم مع ما يريده الأهل. فالانفتاح واحترام حرية الطفل هما من أفضل الطرق لنقل القيم الحسنة وبناء مجتمع شمولي.

أخبار أخرى عن مجتمع الميم

Leave a Reply

Your email address will not be published.