الشرطة الأردنية تستهدف أفراد مجتمع الميم: خطف، تحرش، تشهير، ومراقبة

اتُهمت الشرطة السرية الأردنية بترهيب أفراد مجتمع الميم من خلال مضايقتهم وخطفهم والتحرش بهم ومراقبتهم و”فضحهم” عند عائلاتهم المحافظة دينياً وإغلاق منظمتين للمثليين وثنائيي الجنس والعابرين جنسيًا، بحسب مقال تم نشره في صحيفة “غارديان” العالمية.

وتقول المصادر إن حملة الترهيب قد شهدت زيادة مؤخرًا في استهداف أفراد ومجموعات مجتمع الميم من قبل مديرية المخابرات العامة الأردنية (GID). في يناير / كانون الثاني، على سبيل المثال، تم احتجاز ناشطين من قبل ضباط دائرة المخابرات العامة وتم تجميد حساباتهم المصرفية.

منير (تم تغيير الاسم حفاظا على السريّة)، مدير مركز +LGTBQ في الأردن (لم يذكر اسمه حفاظا على الأمان والسرية)، وصف كيف أجبره ضباط المخابرات على ركوب سيارة، قبل استجوابهم واحتجازهم طوال الليل. ثم اتصل عملاء المخابرات العامة بوالديه، على حد قوله، وأخبروهما أنه مثلي الجنس.

وقال منير لصحيفة “غارديان”: “لقد دمّر هذا الأمر علاقتي بعائلتي، وكان عليّ أن أخرج من منزل والديّ”.

وتجدر الإشارة إلى أن الأردن واحدة من الدول القليلة جدا في الشرق الأوسط التي قامت بإلغاء تجريم العلاقات المثلية، ولكن الامر لا يتعدى حدود النص إذ لا توجد حماية قانونية ضد التمييز ضد المثليين، فيما لا تزال السلطات تطارد أفراد مجتمع الميم ولا يزال الرأي العام معاديًا للأقليات الجنسية.

في سياق متصل، يقول ممثلو Rainbow Street وهي منظمة توفر الحماية والدعم لطلبات اللجوء من قبل الأفراد المعرضين للخطر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومركز مجتمع الميم أعلاه الذي لم يذكر اسمه، أن السلطات أجبرتهما على وقف عملياتهم وإغلاق مكاتبهم في الأردن بسبب الضغط المتزايد.

في المقابل، نفت السلطات الأردنية “المزاعم”، معتبرة أنه لا توجد “مثل هذه الجماعات على الإطلاق”.

بدوره، قال فواز (تم تغيير الاسم حفاظا على السريّة)، المدير السابق لمنظمة Rainbow Street، إنه تعرض للمضايقة والاستجواب من قبل دائرة المخابرات العامة في مناسبات عديدة. وأوضح انه في إحدى الحالات، تم اعتراضه في الشارع، ودفعه داخل سيارة واستجوابه. ثم تم تحذيره بوقف نشاطه أو سيتم توجيه تهم جنائية ضده.

في وقت لاحق، زار عملاء دائرة المخابرات العامة منزله وتحدثوا إلى والديه للاستفسار عن صحة ابنهم. قال فواز إن الأمر كان تهديداً لتذكيره بأنهم يستطيعون بسهولة الكشف عن ميوله الجنسية لوالديه.

على الأثر، بدأ Rainbow Street في تلقي رسائل تهديد عبر البريد الإلكتروني من حسابات مجهولة. وذكرت إحدى رسائل البريد الإلكتروني، التي اطلعت عليها صحيفة الغارديان: “إن مكان عملكم يخضع للمراقبة من قبل المخابرات الأردنية. نحن نقوم بإبلاغكم. لا تكونوا أغبياء. لقد تم مراقبة جميع أنشطتكم. توقفوا عن حضور هذا المكان، لن ينتهي الأمر بشكل جيد”.

منذ ذلك الحين، سعى كل من فواز ومنير للحصول على اللجوء في الخارج تاركين وراءهما ممتلكاتهما وأصدقائهما وعائلاتهما. لم يشرح أي منهما لأحبائهم أسباب رحيلهم المفاجئ، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تعريض عائلاتهم لمزيد من الأعمال الانتقامية من قبل الأجهزة الأمنية.

ويؤكد فواز: “لم أتصور أنني سأصبح لاجئًا. لم أرغب أبدًا في مغادرة وطني. لقد استيقظت ذات يوم، وتم إخراج كل شيء من تحت قدمي، حرفيًا”.

من جهتها، قالت رشا يونس، باحثة أولى في هيومن رايتس ووتش، إن حملة القمع التي شنتها السلطات الأردنية بدأت في عام 2015، وتصاعدت في السنوات الأخيرة. موضحة أنه “كلما ازداد ظهور حركة مجتمع الميم، كلما ازدادت حدة حملة القمع ضدهم”.

وأضافت: “نتيجة فضح السلطات لبعض أفراد مجتمع الميم، فقدوا هؤلاء وظائفهم وعانوا من العنف الأسري، بما في ذلك الإيذاء الجسدي والتهديدات على حياتهم، ما أجبرهم على الفرار من البلاد هربا من الاضطهاد”.

لا تزال الأسباب الكامنة وراء الاستهداف غير واضحة، لكن الجماعات الحقوقية تقول إن هناك انخفاضًا أوسع في الحقوق المدنية والحريات الجارية في الأردن.

ففي سبتمبر / أيلول 2022، أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش أن السلطات الأردنية قد ضايقت النشطاء والصحفيين بشكل متزايد، وتعديت على المساحات المدنية، وقيّدت وصولهم إلى الحقوق الأساسية.

ويوضح فواز: “تسليح المجتمع ضد المثليين هو تكتيكهم. فالحكومة لن تقتلك أو تضعك في السجن لأنك مثلي، لكنها ستسمح لعائلتك بقتلك”. مشيراً إلى عدد من الأشخاص اللذين تعرضوا للعنف من عائلاتهم بعد أن كشفت السلطات عن ميولهم الجنسية.

ويؤكد النشطاء أن استهداف السلطات الأردنية لأفراد مجتمع الميم أثار الخوف والقلق، حيث يخشى الكثيرون من إمكان تسلل المخبرين إلى الأماكن الآمنة التي يرتادونها.

هذا وكان قد قام المركزان الأردنيان، قبل إقفالهما، بتوفير خدمات الصحة العقلية والمساعدة في حالات الطوارئ لأكثر من 1000 شخص، فضلاً عن توفير مساحة آمنة للأفراد للالتقاء والتحدث.

وقال منير: “الشيء الوحيد الذي يؤسفني هو الاعتقاد بأننا يمكن أن نكون بأمان. لم ندرك أبدًا مدى قوة ووحشية النظام. بغض النظر عما تفعله، عندما يريدون أن يأتوا من أجلك، سيفعلون ذلك”.

في المقابل، نفت الحكومة الأردنية أن يكون أفراد مجتمع الميم هدفًا للأجهزة الأمنية، وذكرت أنه “لا توجد منظمات LGBTQ + في الأردن وأن الأجهزة الأمنية لم تستجوب أو تعتقل أي أفراد من مجتمع الميم. وإذا كانت هناك أي حالات اعتقال، فهذا مرتبط بانتهاك قوانين أخرى”.

هذا وتأتي مخاوف مجتمع الميم في الأردن وسط موجة من خطاب الكراهية والتحركات القمعية في العديد من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك العراق ولبنان.

أخبار أخرى عن مجتمع الميم

Leave a Reply

Your email address will not be published.