مجتمع الميم في لبنان.. بين التمييز في مكان العمل وصعوبة الوصول إلى الفرص
نشرت منظمة حلم اللبنانية، التي تعنى بحقوق مجتمع الميم، تقريراً جديداً بعنوان “تقييم التمييز في مكان العمل وإمكانية الوصول والفرص لمجتمع الميم-عين في لبنان لعام 2022 – 2023”.
يمكنكم تنزيل التقرير للاطلاع عليه كاملاً عبر الضغط هنا. وجاء في المقدمة التالي:
الحق في المعاملة المتساوية من قبل القانون حق دستوري مذكور في المادة ٧ من الدستور اللبناني وينص على أن “يكون جميع اللبنانيين متساوين أمام القانون. يتمتعون على قدم المساواة بالحقوق المدنية والسياسية ويلتزمون بالالتزامات والواجبات العامة من دون تمييز”.
الدستور ليس الهيئة القانونية الوحيدة التي تضمن المساواة في الحقوق لجميع المواطنين/ات اللبنانيين/ات، ولسوء الحظ، كثير من المواد الدستورية لم تتضمن صياغتها الأولية حماية كافية للأفراد والجماعات الذين يعانون من انتهاكات لحقوقهم الأساسية على أساس هويتهم/ن، وهي انتهاكات غالبًا ما تبررها نفس النصوص القانونية التي كانت تهدف في الأصل لحمايتهم/ن.
قانون العمل اللبناني هو أحد الأمثلة التي فشلت في ضمان الوصول الآمن والعادل والكريم إلى العمل، للمواطنين وغير المواطنين على حد سواء. اعتمد مجلس النواب قانون العمل اللبناني في ٢٣ ايلول ١٩٤٦ وبقي على حاله إلى حد كبير منذ ذلك الحين، مع القليل من التحديثات والإصلاحات التي غالباً لا تتماشى مع معايير مكان العمل الحديثة ولا مع المسار الطبيعي للتقدم المجتمعي الذي شهدناه خلال القرن العشرين والحادي والعشرين.
بالإضافة إلى قانون العمل الوطني المخفق الذي عفا عليه الزمن، غاب لبنان عن التصديق على العديد من الاتفاقيات الدولية الأساسية التي كانت ستوفر الحقوق والحماية التي تشتد الحاجة إليها، مثل اتفاقية التشاور الثلاثي بشأن معايير العمل الدولية لعام ١٩٧٦، والاتفاقية ١٠٢ بشأن الضمان الاجتماعي لعام ١٩٥٢، والاتفاقية ١٦٨ لشأن تعزيز العمالة والحماية من البطالة لعام ١٩٨٨، الاتفاقية ١٩٠ بشأن العنف والتحرش في عام ٢٠١٩، وغيرها الكثير.
بالإضافة إلى عدم التصديق على الاتفاقيات، لا تزال التعديلات اللازمة لقانون العمل والقوانين الخاصة التي توفر حماية إضافية للجماعات المهمشة مفقودة أيضًا. تم إجراء المراجعة الرئيسية لهذا القرن في عام ٢٠٠٠ من خلال القانون ٢٠٧ / ٢٠٠٠، الذي عدل معظم المواد المتعلقة بتوظيف النساء، مضيفًا أحكامًا مثل المادة ٢٦ التي تحظر أي تمييز بين الرجال والنساء فيما يتعلق بالأجور، ونوع العمل، والتوظيف، والترقيات.
بالإضافة إلى ذلك، منعت المراجعة أصحاب العمل من فصل النساء العاملات أو إرسال الإشعار المطلوب للفصل أثناء إجازة الأمومة. في كانون الأول ٢٠٢٠، بعد عشرين سنة، اعتمد مجلس النواب اللبناني القانون ٢٠٥ / ٢٠٢٠ الذي يجرم التحرش الجنسي وينصّ، في مادته الثانية على عقوبة متزايدة كلما حدث حالة تحرش في مكان العمل أو بسبب علاقة تبعية ناتجة عن التوظيف.
في حين كانت هذه التغييرات مرحب بها وذات حاجة ماسة، لكنها كانت بالكاد كافية لمعالجة مشكلة عدم المساواة بين الجنسين في قانون العمل اللبناني ولم تخدش سطح الإصلاحات العديدة الأخرى التي ما زال القانون بحاجة ماسة إليها.
حتى يومنا هذا، لا يزال قطاع العمل اللبناني تمييزًيا إلى حد كبير ضد النساء، أفراد مجتمع الميم-عين، اللاجئين، عمال المنازل المهاجرين، والفئات المهمشة الأخرى. تتخذ الممارسات التمييزية أشكالًا عديدة، بما في ذلك عقود العمل المسيئة أو غير الموجودة، الثقافة التنظيمية ووضعية مكان العمل غير الآمنة، جداول الأجور غير العادلة، التوظيف التمييزي، وغياب ضمانات العمل المحمية قانونيًا.
وبعد التأثير المدمر للأزمة الاقتصادية اللبنانية واندلاع جائحة كورونا، تستمر ظروف العمّال بالتدهور (خاصةً أفراد مجتمع الميم-عين) يومًا بعد يوم، مع القليل من الاهتمام من السلطات الحاكمة لتقديم حلول ومساعدة ملموسة، بالإضافة إلى عدم وجود أي إشارة في الأفق إلى أي عمل جاد يتم القيام به لتوفير الإطار القانوني اللازم لحماية الفئات المهمشة.
في خضم الأزمات المتشعبة، من انخفاض قيمة العملة الوطنية، صعوبة توافر الاحتياجات والموارد الأساسية، وسياسات الحكومة اللبنانية القمعية، زادت الحواجز التي واجهها مجتمع الميم-عين بشكل كبير على مدى السنوات الثلاث الماضية. ووفقا لمسح OXFAM الذي تم إجراؤه بالتعاون مع منظمة “حلم” في عام ٢٠٢١، أفاد معظم أفراد مجتمع الميم-عين أنهم/ن يواجهون صعوبات كبيرة تتعلق بالسكن والحصول على الرعاية الصحية والأمن الغذائي، بالإضافة إلى مستويات البطالة المقلقة التي استخلصها المسح.
في الوقت الحالي، تحوم مستويات البطالة داخل مجتمع الميم-عين في لبنان حول ٧٩ ٪، أي ما يقرب من ضعف المتوسط الوطني البالغ ٤٠ ٪ من البطالة المسجلة في ذلك الوقت. لذلك لجأ العديد من أفراد المجتمع إلى الاعتماد الكامل على المساعدات الإنسانية، أو اللجوء إلى الوظائف في القطاع غير الرسمي حيث يميل التمييز والعنف إلى أن يكون أعلى بكثير مع استحالة اللجوء إلى العدالة.
لسوء الحظ، لا يتم الإبلاغ عن التمييز والانتهاكات الحاصلة ضد أفراد مجتمع الميم-عين في مكان العمل تاريخياً حيث يخشى معظم الموظفين من مجموعة التداعيات التي قد تطالهم/ن إذا تقدموا/ن بالاتهامات.
وغالبًا ما تكون عواقب الكشف عن الميول الجنسية أو الهوية الجندرية في مكان العمل مدمرة ولا تتوقف عند احتمال فقدان الوظيفة: يخاطر أفراد مجتمع الميم-عين بالكشف عن هوياتهم الجندرية وميولهم/ن الجنسية لأسرهم/ن ومجتمعاتهم/ن، والتعرض للانتقام خارج نطاق القضاء والعنف من أصحاب العمل السابقين، أو حتى اتهامهم/ن بالمادة ٥٣٤8 من قانون العقوبات اللبناني المستخدم لتجريم العلاقات الجنسية المثلية في لبنان إذا أصبحت ميولهم/ن الجنسية أو هويتهم/ن الجندرية معروفة.
Leave a Reply