مجتمع الميم في لبنان.. حريّة شخصيّة أم أزمة أخلاقيّة؟
بعد خطاب الكراهية الأخير الذي أطلقه أمين عام حزب الله حسن نصرالله تجاه مجتمع الميم في لبنان، حصل هذا الملف على اهتمام اجتماعي وسياسي كبير تفوّق بأهميّته على الملفات الأساسية الأخرى التي يعاني منها لبنان من اقتصادية وأمنية وسياسية وفراغ رئاسي وأموال منهوبة وفساد وغيرها من الملفات المتراكمة.
وبطبيعة الحال، تتعدد الآراء بشأن ما إذا كان ما يحدث ينطوي تحت مصطلح “الحرية الشخصية” أو “الازمة الاخلاقية والتربوية” في الأسر التي تربينا عليها في مجتمعاتنا، أو ضد الدين. فيتعاطى المجتمع مع كلّ تطور متعلق بمجتمع الميم وكأنه حالة استثنائية، مع العلم أن “الظاهرة” موجودة منذ القدم وفي جميع المجتمعات.
وفي سياق هذا الموضوع، نشير إلى مقال كتبته الصحافية ريتا عشقوتي في موقع Vdl الاخباري، ويطرح عدداً من التساؤلات. جاء في المقال:
العاب ترمز لشعارات “المثليين” استوردت من قبل التجار، دخلت منازلنا، ولعب بها اطفالنا. مشاهد من “الرسوم المتحركة” يشاهدها أطفالنا من دون مراقبة الأهل، في غالبية مشاهدها اشارات الى المثلية الجنسية. فعلى سبيل المثال، طفلة تشاهد ذكورا يقبلون بعضهم أو حيوانات من نفس الجنس يمارسون الحب، فيما أن الأهل مطمئنون على وجود أولادهم بمكان “آمن” نسبة لمعاييرهم الاخلاقية لأنهم في المنزل، وببيئة “آمنة” لأنهم يشاهدون “الرسوم المتحركة” أيضا في المنزل، فهل ما يشاهده الأطفال من مشاهد تعنى بـ”المجتمع الميم” في برامج الاطفال سيؤثر على ميولهم الجنسي؟
في هذا السياق أكدت المتخصصة في علم النفس تريز غالب لـ”vdlnews” أنه “ليس من الممكن أن تؤثر هذه المشاهد على الميول الجنسي لدى أطفالنا، فالميول تأتي من خلال التربية في المنزل منذ الصغر، أو حين يكون هناك مشكلة في الولادة، إذ يعاني الطفل من وجود العضو الذكري والانثوي في آن واحد على سبيل المثال”.
إلى ذلك، لفت أحد الشبان المثليين، والذي رفض الكشف عن اسمه لاعتبارات أمنية، إلى ان “ما حدث في مقهى الجميزة كان تعد على حريات شخصية من خارج السلطة وانتهاك للدولة”.
واعتبر، ان ما تم تقديمه في المقهى هو نفسه ما يقدمه ماريو باسيل بشخصية “ماريوكا” وفادي رعيدي بشخصية “فاديا الشراقة” وباسم فغالي، فهذا يشبه تماما ما كان يحدث في المقهى”، سائلا: “هذا مسموح لهم وممنوع لنا”؟
وعن الفيديو الذي تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يظهر فيه مجموعة من المثليين يقومون بحركات غير اخلاقية ويتعدون على الشعارات الدينية ويمكن القول أنها شيطانية بامتياز، شرح لـ”vdlnews ” أن “هذا الفيديو هو مركب وغير صحيح والمشاهد الموجودة داخله هي مشاهد من خارج لبنان”.
وتابع: “هناك العديد من المثليين متزوجين ولديهم أطفال وموجودين بالمجتمع معنا، ولكن يخافون من الاعتراف بأنهم من “مجتمع الميم”.
وعن موضوع التوعية المدرسية بخصوص المثلية الجنسية، رأى أنه “يجب على المنهج اللبناني ان يدرس الاولاد عن التوعية الجنسية في المرتبة الأولى، قبل ان نتحدث عن موضوع تدريس المثلية الجنسية”.
وختم بالقول: “حين ذهب بعض الذين يميلون جنسيا الى العلاج النفسي، بعد ضغوط المجتمع، انتحر أكثر من نصف عدد هؤلاء”.
بدوره، أكد الشاب جورج حبيب، احد المدافعين عن ما يعتبره حريات شخصية، أننا “في بلد محافظ ومتدين وكل ما هو متعلق بالدين يخلق مشاعر لدى المواطنين، مع العلم ان البابا فرنسيس هو الذي قال انه لا يجب استخدام الله والدين لتشجيع الكراهية”.
وأشار الى أن “موضوع تقبل المثليين بحاجة الى وقت، وبكل عائلة يوجد هناك مثلي ولكن بصمت، لا احد يستطيع الغاءهم لانهم موجودون”، وقال: “هناك العديد من المثليين الجنسيين يعيشون مع بعضهم مساكنة وأنا مع تشريع زواجهم”.
في المقابل، قال أحد المعارضين الشرسين للمثلية الجنسية، إنه “يجب تجريم جميع المتحولين والمتحولات والداعمين للمثلية الجنسية وغيرها من المصطلحات التي تؤدي في نهاية المطاف الى تخريب المجتمعات، وتهديد الأمن القومي للبنان”.
ولدى سؤاله عن السبب، يعتبر أن أي ميول جنسية هي وليدة الحياة وظروفها وليست وراثة من الأب والأم، وقال: “بناء على دراسات حتى من مجتمعات غربية، خصوصا بريطانية سبق ان اطلعت عليها ويستطيع الجميع البحث عنها، يتضح بأنه لا مجال لأن يولد أي ذكر يميل جنسيا الى ذكر، أو أي أنثى تميل جنسيا الى أنثى، كما أنه لا يخلق إنسان يميل الى العلاقة الجنسية الجماعية، بل جميع ما ورد يأتي جراء أسلوب حياة مختلف عن الطبيعة البشرية”.
إذاً، تتعدد الآراء وتختلف بشأن موضوع مجتمع الميم، ولكن الأمر المؤكد أن غياب الدولة والتشريعات القانونية الملزمة تزيد من الامر سوءاً وتعطي شعوراً لكل طرف بأن من حقّه التحرك ضد الأطراف الأخرى التي لا يستطيع تبرير وجودها، أكانت أقليات جنسية أو عرقية أو أفراد من مجتمع الميم أو حتى اللاجئين أو غيرهم.
Leave a Reply