العراق يناقش مشروع قانون خطير.. وناشطون حقوقيون يقرعون ناقوس الخطر!
يناقش البرلمان العراقي مشروع قانون من شأنه إيقاع عقوبة الإعدام على أفراد مجتمع الميم. فيما يقرع ناشطون حقوقيون ناقوس الخطر، ويرون في هذه الخطوة مناورة لصرف النظر عن المشاكل الأساسية في البلاد.
يبدو رائد المالكي، النائب في البرلمان العراقي، واثقا من الأمر: فهو يعتبر الحياة الجنسية التي تنحرف عن التقاليد السائدة خطرا على بلاده. ولذلك من المهم “حماية وحدة المجتمع العراقي من الانحرافات والدعوات الجنسية الشاذة التي ابتلي بها العالم”، على حد تعبير المالكي.
هكذا برر، وفق تقارير صحفية، الطلب القانوني الذي قدمه إلى مجلس النواب العراقي في منتصف أغسطس/آب الماضي. يهدف الطلب إلى استكمال ما يسمى “قانون مكافحة البغاء”، ليشمل ظاهرة لا علاقة لها بالبغاء: أي الأشكال المختلفة للجنس والحب ما عدا الجنس في إطار الزواج بين الرجل والمرأة.
وفي حال إقرار مشروع القانون، الذي تمت قراءته الأولى الشهر الماضي، فسيتم فرض “عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد” لأي شخص أقام علاقة جنسية مثلية. كما يستهدف القانون النساء العابرات جنسيا. وينص القانون على عقوبة السجن لمدة تصل حتى ثلاث سنوات أو غرامة تصل إلى ما يعادل حوالي 7100 يورو لكل من “تشبّه بالنساء”. يتم تعريف “التشبه بالنساء” على أنه “وضع المكياج أو ارتداء الملابس النسائية” أو “التصرف كامرأة” في الأماكن العامة.
ووفقا لدراسة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن مشروع القانون يساوي العلاقات الجنسية المثلية مع “الشذوذ الجنسي”. وهي “العلاقات الجنسية المتكررة بين أفراد من نفس الجنس”. كما ينص مشروع القانون على معاقبة “الترويج للمثلية الجنسية” بالسجن لمدة سبع سنوات وغرامة تصل إلى ما يعادل 10.600 يورو. ووفقا لهيومن رايتس ووتش، فإن القانون لا يحدد بالضبط ما هو المقصود بـ “الترويج للمثلية الجنسية”.
توقيت المبادرة: صدفة أم مخطط؟
وفي مقال كتبته كيرستن كنيب لـDW، اجرت مقابلة مع رشا يونس، المتخصصة لدى منظمة هيومن رايتس ووتش في مجال حقوق المثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين في الشرق الأوسط، والتي رأت أن “توقيت طرح هذه المبادرة التشريعية ليس مصادفة. بل يرتبط الأمر بالاستياء السياسي والاجتماعي العام في البلاد والاحتجاجات الناتجة عنه”.
وأضافت يونس: “تأتي المبادرة في وقت تكافح فيه الحكومة العراقية من أجل تلبية المطالب الأساسية للمحتجين، مما يؤدي إلى مزيد من الانهيار في العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين”.
وتؤكد في حديثها إلى DW أن الأمر “استراتيجية حكومية لاستخدام الخطاب والقوانين كسلاح ضد مجتمع الميم. والهدف هو تعبئة رأي عام، غير مطلع إلى حد كبير، ضد مجموعة مهمشة”.
وتستطرد يونس: لقد “نفذت مجموعات مسلحة وأفراد هجمات ضد أشخاص يُعرفون بأنهم من مجتمع الميم، على مدى عقود، من أجل (تأديب) أي انحراف عن المعايير في العراق. إن عشوائية الهجمات وحدوثها في كثير من الأحيان علنا وفي وضح النهار، تشهد على مناخ الإفلات من العقاب الذي يعيش فيه مرتكبو الجرائم”.
وتضيف: “هم يعرفون أنهم سيفلتون من العقاب. وبالتالي إقرار قانون يجرم المثلية الجنسية لن يؤدي سوى إلى صب الزيت على النار. إنها إهانة للأفراد الذين يحاولون بالفعل حماية أنفسهم من الجماعات المسلحة التي تطاردهم على نطاق واسع”.
من جهته، يتفق أمير عاشور، مؤسس منظمة “عراق كوير” غير الحكومية، مع وجهة نظر يونس، ويرى أنه “إذا تم إقرار مشروع القانون، فلن تواجه الحكومة العراقية والجماعات المسلحة وغيرهم ممن هاجموا المواطنين المثليين عواقب قانونية”. ويؤكد أن “القانون يتعارض مع القوانين العراقية والدولية التي تضمن الحماية المتساوية لجميع المواطنين بغض النظر عن ميولهم الجنسية”.
“الشذوذ” بدلا من “المثلية الجنسية”
نعود إلى الثامن من أغسطس/آب الفائت 2023، حين أصدرت هيئة الاتصالات والإعلام العراقية توجيها يلزم وسائل الإعلام في البلاد باستبدال مصطلح “المثلية الجنسية” بمصطلح “الشذوذ الجنسي”. الإستراتيجية الشعبوية – المتمثلة في اتخاذ المثليين ككبش فداء، وسط مناخ من عدم الرضا السياسي والاجتماعي من جهة، والنفور من التأثيرات الغربية – يبدو أنها ناجحة. ففي سياق الاحتجاجات ضد حرق القرآن في السويد هذا الصيف، أشعل المتظاهرون أيضا راية مجتمع الميم. وفي مناسبات أخرى تم دهسها عمدا بازدراء.
أما في منطقة كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال العراق، فيريد أعضاء البرلمان المحلي اتخاذ إجراءات أيضاً ضد مجتمع الميم. وفي سبتمبر/ أيلول من العام الماضي 2022، قدموا “مشروع قانون يحظر الترويج للمثلية الجنسية”. وينص في أحد مواده على معاقبة كل من يدافع عن حقوق المثليين.
وأخيرا، في ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام، نشر رجل الدين الشيعي المؤثر مقتدى الصدر بيانا على تويتر دعا فيه إلى “توحيد جهود المؤمنين والمؤمنات حول العالم لمحاربة” مجتمع الميم. وأضاف أن ذلك يجب أن يتم “ليس بالعنف أو القتل أو التهديد، بل بالتثقيف والوعي والأساليب المنطقية والأخلاقية”.
Leave a Reply